الاحتکار وتطبيقاته المعاصرة بين الاقتصاد الإسلامي والوضعي دراسة للأسباب والآثار والعلاج

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

تغلغل الاحتکار في کافة ميادين الإنتاج ، وأصبح المحتکرون يسيطرون على الأسواق مما أدى إلى حدوث أضرار اقتصادية بالغة. وقد حاول النظام الرأسمالي الحد من الاحتکارات والرقابة عليها وتنظيمها من خلال إجراءات وقوانين، ولکن جميع هذه الوسائل والطرق لم تسهم فعلياً في الحد منه. وهدفت الدراسة إلى بيان أنواع الاحتکار المحرم في الشرع والمجرم في الاقتصاد الوضعي ، وما هي المساحة المشترکة بين الفقهاء والاقتصاديين حول الاحتکار، وما هي الأسباب والدوافع وراء ظهور وانتشار الاحتکار ، وبيان کافة آثاره السلبية على المجتمع ، بالإضافة إلى عرض لنماذج من التطبيقات المعاصرة للاحتکار والممارسات الاحتکارية في الاقتصاد الوضعي وحکمهما من الناحية الشرعية .وتوصلت الدراسة إلى أن مفهوم الاحتکار عند الاقتصاديين أوسع بکثير من مفهومه المحرم عند الفقهاء ، وأن الاحتکار يجري في کل ما يحتاج إليه الناس من مال وأعمال ومنافع. وأن الانفراد في إنتاج سلعة معينة دون إجحاف وإغلاء في سعرها لا يمکن اعتباره احتکارا في الاقتصاد الإسلامي؛ على عکس النظام الوضعي. کما أن احتکار بعض الخدمات العامة مثل الماء والکهرباء لا يحرمها الإسلام بل يشجع أن تبقى مملوکة للدولة أو مملوکة لجهة معينه مسئولة عنها الدولة مباشرة؛ لکن مجرد کون السلعة من الضروريات أو الحاجيات الأساسية لجمهور الناس لا يکفي وحده مبررًا اقتصاديًا صحيحًا لاحتکار الدولة إنتاجها أو تسويقها ، إذ أن السلعة قد تکون ضرورية ويمکن مع ذلک تقديمها بطريقة تنافسية مثل الخبز والألبسة وکثير من الأدوية .وأرجعت الدراسة نشأة الکارتلات الاحتکارية إلى تلک الحقبة التي نشأ فيها النظام الرأسمالي ، وأن الکارتلات الدولية تعتبر أسوأ صور الاحتکارات الحديثة لأن ضررها يمتد إلى أکثر شعوب الأرض ، وأن أهم أسباب الاحتکار هو الرأسمالية الطاغية والاشتراکية القاتلة، وغياب البعد الديني والأخلاقي، والرغبة في السيطرة على المواد الأولية . وأن للاحتکار أثار اقتصادية واجتماعية عديدة سيئة، کما يؤدى إلى آثار أمنية وسياسة غير مرغوبة ، کما أنه قد تندلع الحروب بسببه . ولم يکتف الإسلام بتحريم الاحتکار ووضع الإجراءات الوقائية له؛ بل توسع في ذلک، وأعطى الدولة (متمثلة في ولي الأمر) وسائل وأدوات للتدخل في الحياة الاقتصادية لمنع الاحتکار وتوجيه الاقتصاد وعلاج ما ينتج عن ذلک من آثار وأضرار . ومن هذه الوسائل إجبار المحتکر على بيع ما احتکره ، وفي حال امتناعه يعزر ، أو بالتسعير عليه بشرط أن يلتزم الحاکم بالضوابط في تحديد السعر العادل ، أو بتوفير السلع ، إما بإجبار أهل الصناعات على زيادة إنتاجهم أو تشجيع المستوردين على استيرادها من الخارج ، أو منع التصدير منها إذا لزم الأمر .